حرب شعواء

 


حرب شعواء تجاوزت حد التحرش وباتت تستحق منا نحن الشعب أن نقف في وجهها.

إنهم الإخوان المسلمون مرة ثانية ومرة عاشرة وألف؛ فهم لا هدف لهم منذ نشأتهم المشؤومة في عام 1928 إلا إسقاط الدولة المصرية، وطريقهم إلى ذلك ـ حسب ما يرون ـ هو الشعب المصري، وأداتهم هو الخطاب الديني المغلوط والمصنوع والمغرض.

والآن يتخذون من مشكلة قطاع غزة قميص عثمان، يلوّحون به في كل شبر وفي كل سنتيمتر من الفضاء الإعلامي، بما فيه وسائل التواصل الاجتماعي وكل وسائل الميديا من تليفزيون وإذاعة وصحافة.. هجمة شرسة ملؤها الحقد والكراهية:
"
مصر تشارك في حصار أهالي غزة، مصر تتحالف مع إسرائيل على إحكام الحصار وتجويع أهالي غزة وقتل الأطفال والنساء..."
إلى آخره من خطاب زاعق دامي يستنفر المصريين ويحرضهم على دولتهم.

والغريب أن الدولة المصرية، في كل مرة، تقع في الفخ، وتبادر بأخذ موقع الدفاع، ومحاولة دحض هذه الاتهامات الظالمة، وكأنها مدينة لهذا وذاك. وهذا غير صحيح.
نحن لسنا مدينين لأحد، لا لغزة ولا لأهالي غزة ولا للضفة الغربية ولا لفلسطين ولا لأي بلد عربي.

وأنا لن آخذ موقع الدفاع وأقول إن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح جمع مليار دولار تبرعًا من المصريين، وكان ينقل الدولارات في جوال على كتفه، وينتقل بها من رفح الجانب المصري إلى رفح الجانب الفلسطيني، وكلها من أموال الشعب المصري، بسكانه السبعين مليونًا، والغارق لشوشته في دوامة القروض.
وليس لدينا هذه الكميات الغزيرة من البترول والغاز، ولم تتدفق على بلدنا كما تتدفق على غيرنا مليارات الدولارات.
كنا نتبرع من لحمنا ودمنا.

ولن أقول إن مصر، التي خرجت من ثورة 25 يناير وهي على الحَميد المجيد واقتصادها في أسوأ حالاته، دفعت نصف مليار دولار لغزة من أجل رأب الصدع الناجم عن التصرفات المخلة الهوجاء من حماس وفصائلها.
لا، لن آخذ موقع الدفاع.

فأنا لم أنسَ، ولن أنسى، أن حماس وحزب الله رفعوا السلاح على مصر، وهاجموها وهي في لحظة ضعف أثناء ثورة 25 يناير.
لم يفعلها الإسرائيليون، ولكن فعلها من نلقبهم بـ"الأشقاء".
هاجموا السجون لينشروا الفوضى، ويسقطوا الدولة المصرية فوق رؤوس أهلها.

أيها المصريون: كفى بلاهة، كفى طيبة، كفى خنوعًا.
قفوا مع أنفسكم، قفوا مع مصر، أعيدوا القومية المصرية من جديد.

لا شيء هنالك اسمه القومية العربية.
فالعروبة لغة ودين وجوار، وهي في حقيقة الأمر هوية وليست قومية.
فالهوية معرفة (ثقافة)، أما القومية فهي طاقة... طاقة كالطاقة الحرارية والكهربية، تنتج عن تفاعل قطبين: سالب وموجب.
وكذلك القومية، فهي أيضًا طاقة تنتج عن تفاعل قطبين: الإنسان، والأرض التي يعيش عليها.
فهي التي تلقنه استراتيجية الدفاع عنها، وتنميتها، ورفع شأنها.

وعليّ أن أذكر:
عندما انطلقت القومية المصرية في ثورة 1919، وانطلقت صيحة المصريين بشعارهم "مصر للمصريين"، صنعوا نهضة عظمى.

لا، لن ندافع عن أنفسنا أمام هذا الهراء وهذه السفالة.
لسنا مدينين لأحد.
نحن دائنون للجميع.

الجامعات المصرية، والفنون المصرية، هي شمس الله التي أشرقت على العرب.
لسنا مدينين لأحد.
ليس هناك طوبة في الكويت أو السعودية أو الإمارات أو العراق ليس عليها بصمات المصريين: هندسة، وعمالة.

أما عن المعلم المصري ودوره، فلن أقول شيئًا إلا قول القائل:
"
من علمني حرفًا، صرت له عبدًا."

لسنا مدينين لأحد.
على الكل أن يلزم حدوده.
وإن لم يعرف قيمة مصر، فإن مصر تعرف قيمة نفسها.
وعلى كل أن يتحمل مسؤولية نفسه.

إن المصريين أذكى بكثير مما يظن البعض، وهم يعرفون جيدًا قيمة الدولة، وسوف يدافعون عن قوتها، وعن وحدتها، بدمائهم.
ولن يرى الحاقدون مصر إلا قوية، شامخة.


تعليقات