ما هو "البزراميط"؟
كلمة شعبية يتداولها المصريون عندما "يصل السيل الزبى" كما يقولون، ولكن لها أصل، إذ أرى أنها النسخة المعدّلة لعبارة: "كله عند العرب صابون"، وهي عبارة أطلقها الخواجات الذين كانوا يعيشون في مصر.
ولكن، لماذا لم يقولوا: "كله عند المصريين صابون"؟ وقالوا بدلًا من ذلك: "كله عند العرب صابون"؟
وبالعودة إلى "البزراميط"، نجد أن الدول العربية التي وقعت وتمزقت، كانت ضحية لظاهرة "البزراميط".
السودان، مثلًا، كان لها جيش ملأ السمع والبصر، فيدخل عليه عمر حسن البشير ما أسماه "قوات الردع السريع"، وهذا نموذج واضح للبزراميط.
فماذا كانت النتيجة بعد 20 عامًا، أو 30، أو 50، أو حتى 100؟
النتيجة نراها الآن، فيما يحدث في السودان.
في سوريا، حافظ الأسد كان علويًّا، والعلويون أقلية (10%)، في حين أن الأغلبية من السنّة (80%)، فقام فخامته بتغليب الأقلية على الأغلبية، فجعل كل القيادات الكبرى في الجيش من العلويين، وكذلك الوزراء، وأورث ابنه بشار الأسد هذا الكم من "البزراميط".
ونظرًا لأنه "لا يصحّ إلا الصحيح"، فماذا كانت النتيجة بعد خمسين عامًا؟ أين هي سوريا الآن؟
لبنان كانت دولة لها جيش بمواصفات الجيوش، فظهر حزب الله، وهو حزب، ولكنه مسلّح بالأسلحة الثقيلة (بزراميط).
فأين لبنان الآن؟
غزة، قطاع حصل على استقلاله في 2005، ومع الضفة الغربية انطلقت انتخابات أتت بمنظمة عسكرية إلى الحكم، فلا هي مدنية، ولا هي عسكرية (بزراميط).
أين؟
أما البزراميط المصري، فكثير، وسأختار واقعة من نوع "التراجى كوميدي"، لما تتميز به من خفة دم مصرية.
في حرب اليمن، حقق جيشنا بقيادة الفريق أنور القاضي انتصارًا كان يمكن أن يكون نهاية مشرّفة لهذه الحرب، إذ سيطرنا على المثلث اليمني: "صنعاء – الحُديدة – صعدة".
ولكن، تدخل البزراميط، فسحب شمس بدران، وزير الحربية (أنتيم عبد الحكيم عامر)، الفريق أنور القاضي، وأرسل مكانه عبد المحسن مرتجي، الذي توسّع في الحرب، باشتباكه مع القبائل باتساع حدود اليمن اليمنية، فكانت الكارثة، وتحول اليمن إلى مستنقع خسرنا جرّاءه الكثير.
وعبد المحسن مرتجي هذا، سيكون أحد أبطال هزيمة يونيو 1967.
ويبرز هذا السؤال: لماذا حدث ذلك؟
إنها المنافع التي حصل عليها المنتفعون من البزراميط، لدرجة أنهم تمادوا في ذلك، وعقدوا امتحانات الثانوية العامة في اليمن، ليحصل أبناؤهم الفاشلون على أعلى الدرجات التي تجيز الدخول إلى كليات الطب والهندسة، إلخ.
(يعني يروح اليمن، "يمنحن"، وينجح، وياخد مجموع كبير، ويرجع تاني لبلده، وكأنه أحد المبعوثين!)
وبهذا الجيش المهلهل الغارق في ...، دخلنا حرب 1967.
هذه الرواية منقولة من كتاب الفريق محمد فوزي، رئيس الأركان ووزير الحربية فيما بعد.
اللهم اكفِ مصر شرّ "البزراميط".
________________________________________
ملحوظة، وبالمناسبة:
أريد أن أسأل الدولة: هل هناك وقائع أكثر من تلك كارثية، تجدها في كتب منشورة؟
والكتب، كما هو معروف، "نائمة" على أرفف المكتبات.
فما هي مسؤولية من يخرج هذه الوقائع ويضعها على "الفيس بوك" ليقرأها الشباب؟
هل يُعتبر صديقًا للدولة المصرية، أم عدوًا لها؟
ليتنا نسمع من المسؤولين ما رأيهم في مثل هذه القضية، حيث إن هناك وقائع "يشيب لها الولدان"!
أليس من حقّ الأجيال الجديدة أن تعرف؟
أليست المعرفة هي "مصل واقٍ" لحماية دولتنا المصرية، ومنعها من الوقوع في نفس الخطأ مرة أخرى؟
تعليقات
إرسال تعليق