الأمن ليس الحل حقيقة أعلنت عن نفسها ليل نهار ولكن هيهات كل البلاد العربية التي سقطت سقطت في وجود امن بالغ القوة والعنفوان العراق ليبيا سوريا اليمن السودان ما الحل اذا ؟ العقل البحت ( التفكير الحر) ...الملاذ الذي لجأ إليه الأوربيون ليتخلصوا من سطوة الكنيسة في العصور الوسطى لكن حربا وجودية اندلعت بين الاثنين العقل البحت والكنيسة الكاثوليكية وقد بلغت ذروتها في واقعتين :
الأولى شكل الأرض
الكنيسة ( الأرض مسطحة )
الثانية أصل الإنسان
العقل البحت ( نظرية التطور )
الكنيسة ( الخلق الخاص )
وتجنبا للدمار الشامل توافق الطرفان على أن كل منهما يترك الآخر وشأنه
وكان الحل هو أن وضعت النهضة الأوربية الكنيسة بكل الاحترام والتبجيل في مدينة خاصة بها هي الفاتيكان وبعدها انطلقت/ حتى حام مسبارها حول الشمس
أما بالنسبة لنا كمسلمين وعرب فنعيش اليوم حربا وجودية بين الداعشية والعقل البحت (التفكير الحر) فماذا علينا أن نفعل؟ أنا في حقيقة الأمر بثقافتي الدينية المحدودة لا أملك الجواب وحتى لو أملكه فإني لا املك حيثية إعلانه فهناك أعلام الفكر الإسلامي ومنهم البروفيسور عبد الله النعيم السوداني العالم الإسلامي الكبير الذي يعمل كأستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة إيموري فقد قرأت لهذا الرجل مقالا نشرته جريدة الأهرام بتاريخ 10 يوليو 2010 وعنوانه العلمانية فريضة إسلامية وأعيد تعريف العلمانية بانها الفصل بين الدين والدولة وأسالوا أنفسكم أيها المسلمين الأعزاء لو أن الشيخ الترابي زعيم جماعة الإخوان المسلمين في السودان أخذ بما جاء في هذا المقال ولم يجند عمر البشير ويقلب حال السودان ويحوله إلى دولة دينية هل كان الجنوب سينفصل عن السودان هل كان سيحدث للسودان ما يحدث له الآن لن احكم ساترك الحكم لكم بعد قراءة هذا المقال و نصه كما يلي
العلمانية فريضة إسلامية
" إن أطروحتي الأساسية في الكتاب تتمثل في ضرورة الفصل بين الدين والدولة، مع التسليم بالعلاقة العضوية واللازمة بين الدين والسياسة. وأري أن للشريعة الإسلامية مستقبلا جوهريا فيما يخص المجتمعات الإسلامية ولكن ليس عبر تطبيق أحكامها كشريعة من خلال القانون والسياسة العامة التي تتطلب التسبيب والتأسيس الموضوعي الذي يمكن قبوله عند جميع المواطنين وعلي تفاوت معتقداتهم الدينية والفلسفية. إذ يجب أن يكون أساس جميع أعمال الدولة المواطنة الكاملة بلا أدني تمييز علي أساس الدين أو الجنس أو العنصر أو غير ذلك من الأسباب.
ولقد استخدمت مصطلح «علمانية الدولة» لتمييز ما أدعو إليه عن العلمانية كفلسفة عامة للحياة من غير اعتبار للمرجعية الدينية. ونظرا للفهم الشائع لدي المسلمين عامة والذي يربط بين العلمانية والعداء للدين أو علي الأقل يربط بينها وبين إقصاء الدين عن الحياة العامة للمجتمع، ولتفادي هذا التعميم الضار فقد ألحقت صفة العلمانية بالدولة وليس بالمجتمع، هو ما يتسق تماما مع ما أدعو إليه، من فصل الإسلام عن الدولة وليس فصله عن السياسة والتشريع والحياة العامة بشكل كلي. كما أنني استخدم مصطلح علمانية الدولة لأميز ما أدعو إليه عن دعوة بعض الجماعات الإسلامية للدولة المدنية وهم يقصدون بذلك فهمهم للدولة الإسلامية التي تكتسب صفة «المدنية» من أن القائمين عليها ليسوا من رجال الدين.
– لقد كشفت العديد من التجارب عن الحاجة الماسة للتمييز بين الدولة والحكومة بحيث لا تصبح الدولة أداة طيعة للحزب أو المجموعة التي بيدها السلطة، ففي العديد من الأنظمة الشمولية والسلطوية صار القضاء وأجهزة الأمن والسلك الإداري والدبلوماسي وغيرها من مؤسسات الدولة أدوات لإرادة الطغمة الحاكمة. وفي تلك الظروف أصبح المواطنون بين شقي رحي، أحدهما الحزب والآخر الدولة، دون أمل في خلاص من قهر الحكومة باسم الدولة، ولا إمكانية لمعارضة سياسية خارج نطاق سلطاتها. فأنا أميز بين مؤسسات الدولة مثل القضاء وأجهزة الأمن والعلاقات الخارجية، وهي مواقع استمرارية سيادة الشعب، والحكومة القائمة في أي وقت كنتيجة للصراعات السياسية المحدودة. إن الفشل في التمييز بين الدولة والسياسة يؤدي إلي تقويض دعائم السلام والاستقرار والسياسي والتنمية للمجتمع بأسره. فالمواطنون الذين يحرمون من معونة الدولة وحمايتها أو من المشاركة السياسية الفعالة يلجأوا إلي الانسحاب أو التقوقع أو العنف، وهو ما فيه ضياع لحقوق المواطنين وإضرار بمصالح المجتمع ككل.
ولهذا يجب العمل علي تأمين المجال العام بحيث يكون متاحا أمام مختلف القوي والمجموعات التنافس بصورة حرة وعادلة من أجل التأثير علي سياسات الدولة، ولكن بأسلوب لا يهدد استقلاليتها، وعلي نحو يضمن المشاركة الحرة والعادلة من جانب جميع فئات المواطنين. وحتي يتحقق ذلك ينبغي أن تستند القوانين والسياسات علي ما أسميه «المنطق المدني» أي وجوب ارتكاز التشريع أو السياسة العامة علي المنطق المشاع، الذي يمكن لكل مواطن أن يقبله أو يرفضه بحرية، أو يقدم البديل من المقترحات، من خلال الحوار العام.
إن الدولة تمثل نسيجا متشابكا من السلطات والمؤسسات التي يتم من خلالها حفظ الأمن العام والقضاء وتوفير الخدمات في مجالات مثل الصحة والتعليم والقيام بتحصيل الضرائب وضبط الإنفاق العام. وبحكم طبيعة مهامها ينبغي أن تمثل الدولة الجانب الأكثر استقرارا وترويا في عمليات الحكم، فيما تكون الحكومة القائمة نتاجاً للتنافس السياسي اليومي علي تحديد وتطبيق السياسات العامة. ويجب البحث عن كيفية التمييز بين الدولة والحكومة، بدلا من تجاهل مخاطر الخلط بينهما كأنما يمكن أن تحل المسألة من تلقاء نفسها. وهذا التمييز الضروري بين الدولة والحكومة، وعلي الرغم من صعوبته، يمكن معالجته من خلال مبادئ وآليات الحكم الدستوري، وحماية حقوق الإنسان وعدم التمييز بين جميع المواطنين.
إلا أنه يجب الوعي بأهمية دور المواطنين وواجباتهم، فنجاح المؤسسات والمبادئ مرهون بالمشاركة الشاملة، والفعالة، من جانب مختلف فئات المواطنين، ويلزم لتحقق تلك المشاركة الشاملة والفاعلة توافر القناعة لدي مختلف فئات المواطنين بأن المؤسسات والمبادئ توافق معتقداتهم الدينية وقيمهم الثقافية. كذلك وحتي تتحقق مبادئ السيادة الشعبية، والحكم الديمقراطي، يجب علي المواطنين المشاركة في كل جوانب الحكم والحياة العامة، حيت يمكنهم إخضاع الحكومة للمحاسبة، والاستجابة لمطالبهم. وهذا القدر من الحرص والعزم لا يكون في غياب المشروعية الدينية والثقافية لمبادئ وآليات الحكم الدستوري، وحماية حقوق الإنسان لدي عامة المواطنين. ولا يعني هذا القول إجازة أو إقرار بالحق في انتهاك المبادئ الدستورية وحقوق الإنسان باسم احترام الدين أو الثقافة. وإنما يعني التوعية بقيمة هذه المبادئ والحقوق وتوافقها مع القيم الدينية والثقافية لمجتمعاتنا.
إنني أدعو إلي الدولة المدنية أو علمانية الدولة من أجل تمكين التدين الصادق في المجتمع، فأنا كمسلم بحاجة لعلمانية الدولة من أجل أن أعيش وفقا لتعاليم الشريعة كالتزام شخصي واختيار حر، فرديا وفي المجتمع، فتلك هي الطريقة الوحيدة الصالحة والشرعية لأن أكون مسلما بحق. وقد بينت في الكتاب أن علمانية الدولة هي الأكثر اتساقا مع تواريخ المجتمعات الإسلامية من شعار «الدولة الإسلامية» والذي ظهر حديثا بعد الحقبة الاستعمارية، ولا أعني بذلك أن هذه المجتمعات قد مارست علمانية الدولة بالمعني الكامل الذي أدعو إليه بسبب الاختلاف بين النموذج التقليدي البسيط للدولة، في تلك الأزمان، وبين نموذج الدولة الحالي الذي يتسم بالمركزية، والتراتبية والبيروقراطية والسلطات الواسعة المتداخلة مع جميع جوانب الحياة اليوم.
وآمل أن يساهم توضيح أن مفهوم علمانية الدولة هو في الحقيقة فهم «إسلامي» في الخلاص من انطباع معظم المسلمين اليوم بأن هذا المفهوم تأطير غربي يعمد إلي حصر الممارسة الدينية في المجال الفردي الخاص فقط. فإذا ما نظرنا إلي التاريخ الإسلامي من زاوية مدي القرب أو البعد بين الدولة والمؤسسات الدينية التي عاصرتها أو أنجبتها فسوف نجد أن دولة النبي عليه ـ الصلاة والسلام ـ في المدينة هي فقط التي تحقق فيها نموذج التمازج/التلاحم التام. ذلك النموذج لا يتحقق دينياً إلا للنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأنه هو التجسيد الكامل لقيم الإسلام وهو خاتم الأنبياء بصريح نص القرآن الكريم.
فيما كانت التفرقة بين السلطتين الدينية والسياسية هي النموذج السائد من الناحية العملية في باقي فترات التاريخ الإسلامي. وقد عرضت لذلك من خلال عدد من الأمثلة في التاريخ الإسلامي كحقبتي الفاطميين والمماليك في مصر، وأوضحت الاستحالة العملية للمزج بين الإسلام والدولة، هي استحالة تؤكدها أيضا التجارب التي ادعت تأسيس دولة إسلامية في العصر الحديث، علي سبيل المثال: في السودان أو إيران أو السعودية. فمن المنظور الإسلامي هناك استحالة لتحقيق نموذج التمازج/التلاحم التام بين السلطتين الدينية والسياسية، فذلك كان مستحيلا بعد وفاة النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ وسيظل مستحيلا بختم النبوة. لذلك علينا العمل علي تنظيم واستيعاب نموذج أكثر عملية للتفرقة.
تعليقات
إرسال تعليق