الأزهر مدين بالاعتذار لمصر

 

 

الأزهر مدين بالاعتذار لمصر ..............نشر بصحيفة القاهرة فى 17/ 9 / 2017

                     

             سبق نشره بصحيفة القاهرة      

                                                                             الأزهر .هل يعتذر لمصر ؟   

فى احتفال سابق بالمولد النبوى الشريف قال الرئيس " أؤكد على تقديرى الشديد للأزهر كقلعة مستنيرةواحدة من الصحف القومية الكبري  وضعت تصريح الرئيس تحت مانشيت بالخط العريض " الأزهر كقلعة للاستنارة "  الرئيس التزم الدقة فى التعبير، الصحيفة جرفها حماسها إلى الفضفاض منه، الأزهر قلعة مستنيرة؟ هذا حق، قلعة للاستنارة؟ ثمة تحفظات، لمبة تضيء أروقته ؟ هذا حق، لمبة على بابه تضئ للمارة هذا كلام غير صحيح.......................وشوف 

ـ محمد على وضع الأساسات اللازمة لنهضة علمية وصناعية توفرت لها ظروف استثنائية بالغة الندرة ...حملة عسكرية / علمية/ فنيةفرنسيةقصيرة خرجت من رحم ثورة عالمية قلبت الموازيننزعت مصر بقسوة من أحضان العصور الوسطى العطنة، وألقت بها بلا رحمة  فى قلب العصر الحديث باشراقاته الفلسفية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية، تدفق السان سيمونيون من البحر الأبيض المتوسط عندما وجدوا فى مصر النموذج الذي يبحثون عنه ...دولة صغيرة مقهورة، موقع ذى بريق  جغرافى يخطف الأبصار، أحجار تتكلم، حاكم متوهج،  مفردات كثيرة مبعثرة فى حاجة لمن يجمعها ويصنع منها جمل مفيدة مجسدة فى مشاريع هندسية كبرى، بشائر للكشف عن حضارة انسانية عظمى، هذه الظروف العجيبة جعلت أهل الخبرة من الفرنسيين فى متناول يد محمد على، طرق الحديد وهو مولَّع، بادر وصنع جوهرة الشرق مصر. للأسف محمد سعيد باشا أغلق المدارس العليا فتوقفت النهضة، الأزهر ـ فى هذا الوقت ـ كان المؤسسة العلمية والتعليمية الوحيدة فى مصر...ولا نغالى ان قلنا والسياسية أيضًا، بدليل أن نابليون عندما نظر حوله باحثًا فى هذا الخواء السياسي المهول عمن يسند له رئاسة الديوان لم يجد غير شيخ الأزهر، وبالفعل قام الشيخ عبد الله الشرقاوى بدوره رئيسًا للديوان، ثم قائدًا للثورة على الفرنسيين فيما بعد ثم لعب دورًا سياسيًا مرموقًا هو وزملائه فى اسقاط خورشد باشا وتعيين محمد على واليًا على مصر، بما يعنى انغماس الأزهر فى الشأن العام واضطلاعه به باقتدار ممثلا للشعب الذى طال ابعاده عن شأنه العام لما يزيد عن 2500 سنة.  

لماذا ترك الأزهر الشعلة تنطفئ؟

لماذا ترك النهضة العلمية تسقط أمام أعين شيوخه، رغم مسئوليته السياسية كممثل وحيد للشعب؟

 لماذا لم يتقدم لحملها ومواصلتها خاصة أن سعيد ما كان ليجرؤ على الغاء عمود للطب أو الهندسة ؟

أين هى الاستنارة ؟

ـ تدارك الامام محمد عبده هذا التقصير غير المبرر وأزمع وهو شيخ للأزهر  إضافة العلوم الطبيعية لتدرس جنبًا الى جنب مع العلوم الدينية باعتبارها جميعًا علوم الله، ووجه بمعارضة شديدة من شيوخه وذهبت دعوته أدراج الرياح، ولو استمع له لرأينا فى هذا الوقت المبكر الشيخ فلان الطبيب والشيخ علان المهندس ولرأى أسلافنا معمما يسير فى الشارع حاملا مسطرة حرف تى أو ناشرا رسوماته أمام مبنى يقيمه ومعممًا آخر يضع سماعة الكشف فى أذنيه، بما كان سيحقق شعبية لهذه العلوم ويزيد من الاقبال على تعلمها ويحقق اندفاعًا نهضويًا مذهلا، بسبب ما يتمتع به الأزهر والأزهريين من احترام العامة والخاصة حتى أنه كان لعبارة "مجاور بالأزهر" فى هذا الوقت دوى لم يصل لمستواه كلمة جامعى فيما بعد. ولنا أن نتخيل حال البلد فى العقود التالية. هذا الوقت نفسه هو الذى بدأت فيه اليابان نهضتها، استمرت وتوقفنا .....الغريب أن الأزهر ألذى قاوم هذا التوجه فى ثمانينيات القرن التاسع عشر قبله فى ستينيات القرن العشرين فهل سقطت الموانع الشرعية بالتقادم ؟

أين هى الاستنارة ؟

ـ قام حسن البنا بتشكيل تنظيم يهدف للقيام بالدعوة فهل زاحمه الأزهر بصفته جهة الاختصاص أم ترك له الشارع يمرح فيه ما شاء واكتفى بدوره البروتوكولى كممثل للدين فى الأروقة السياسية ؟

أين هى الاستنارة ؟

ـ غزا الفكر الوهابى الثقافة المصرية حديثًا وضربها ومازال يضربها بقوة فى عقر دارها فهل تصدى لها الأزهر بما يكفى من أسلحة فكرية ؟

أين هى الاستنارة ؟

ـ اكتشف شيخ جليل من شيوخ الأزهر وهو الدكتور محمد حسين الذهبى بيت  الداء فيما يختص بالارهاب، أصدر هو وخلصائه كتابًا رد فيه على ادعاءات التكفيريين. أخذوه من بيته وأمام أعين أولاده وقتلوه بدم بارد ... هل تظاهر شيوخ الأزهر تعبيرًا عن غضبهم ؟ هل أخذوا بثأره  باطلاق حملة فكرية واعلامية تقطع دابر هذا الفكر؟ هل أصروا على احياء ذكراه سنويًا لتظل جريمتهم تضخ ما يجب من كراهية لتلك الفئة المارقة؟ هل طبعوا نسخة شعبية من الكتاب ووزع على طلبة المدارس والجامعات والأهالى بعامة ؟

فأين هى الاستنارة ؟

مع احترامى الشديد للأزهر وشيوخه الأجلاء فأنا أعتقد أنه مدين بالاعتذار للمصريين بسبب تجاهله لاحتياجاتهم ـ كأمة ـ  لفكر دينى جريء يأخذ فى اعتباره العصر ألذى تعيش فيه، ويساعدها فى بناء نفسها بمقاييسه وليس بمقاييس العصور الغابرة، هذا وإن كان الجميع يشهد له وأنا منهم بدوره العالمى فى خدمة القرآن الكريم والحديث الشريف والزود عن الدين الاسلامى بعامة والتمثيل المحترم له، إلا أننا غير مستعدين للتنازل عن حلمنا فى صنع دولة مدنية تأخذ وتعطى مع العالم المتقدم، وتجرى كالرهوان للحاق بقطار التقدم التى تخلفت عنه سنينًا عددا ولا أحد يلومها ان تخففت أثناء جريها من الأحمال التى لا أهمية لها وتثقل كاهلها وتكسحها فى الكثير من الأحيان، ورأيى الشخصى أننا لم نعد نملك ترف التسامح مع أى  مؤسسة لا تكون مصر على قمة أجندتها، فأنا أرى وأرجو أن أكون  مخطئًا أنها ليست على أجندة أحد فيما عدا الرئيس عبد الفتاح السيسي ..ويد واحدة لا تصفق كما هو معلوم .

                                               

                                                      فتحى عبد الغنى

تعليقات