حاضر الثقافة في مصر5

حاضر الثقافة فى مصر 5

الثقافة..تلك الحسناء الرقيقة حلوة الشمائل، العجوز الشمطاء الطاغية، هى حِمل ذاتى، بينما المعلومات حِمل موضوعى، وكلتاهما  من صلب جنس واحد اسمه المعرفة، المعلومات لا تملك أى قدرة على تجاوز ذاتها (لاحظوا) أو التقدم ملليمتر واحد خارج حدودها (سجلوا ) هى كحبة الفول تملك طاقة غير مسموح لها بالاستفادة منها أو تفجيرها.. لابد من الانسان..يأتى انسان ما ليأكلها فينتفع بما تملكه من طاقة  أو يؤكلها لحيوانه أو يغرسها فى الأرض أو تتولى الطبيعة غرسها  أو ينقلها لمن هو فى حاجة إليها.. يضاف، لها  وجود ملموس وتحت الطلب، فى الأسواق وعلى أرفف المكتبات وفى قاعات الدرس أو المتاحف، خارجة من بين شفاه الأستاذ عندما يلتزم بالموضوعية.. يضاف، غير معنية بالمكان والزمان التى تتواجد فيهما، فى كتاب أو على حائط، فى صحيفة أو على واجهة محطة القطار، أو على صخور المعابد، عرفها الانسان أم لم يعرفها، أقنعته أم لم تقنعه، أفادته أم أضرته، تبقى فى مكانها سنة أو ألف لا مشكلة، لا تبلى لا تأكلها العتة لا تتقادم،  الثقافة شيئ آخر معلومات نعم، لكن لها سلوكها الخاص، ولها خصوصبة تشبه إلى حد كبير خصوصية الكهرباء..مثلا ..لا ترى بذاتها وإنما بتأثيرها، لا تعلم بوجودها إلا من ضوء مصباح أو حركة مروحة أو شرارة تصل ما بين موجب وسالب، أو صرخة من شخص لم يعلم بوجودها فعاقبته على جهله ، الثقافة كذلك لا تعلم بوجودها إلا عندما يتكلم الانسان، أو يكتب أو يتصرف ..الكهرباء تيار يتدفق من سلك، الثقافة تيار يتدفق من فم انسان أو قلمه أو سلوكه، التيار له مواصفة.. مستمر أو متقطع، الثقافة تيار يمينى أو يسارى معتدل أو متطرف، له طعم ولون ورائحة أم ماسخ كحساء الفراخ البيضاء، للكهرباء قوة دفع تقاس بالفولت، للثقافة قوة دفع يمكن قياسها من خلال استطلاعات الرأى وسلوكيات الأمم، الكهرباء طاقة قادرة على صنع الحركة، الثقافة طاقة قادرة على الدفع فى اتجاه التقدم أو التخلف، القدرة تقاس بالحصان الميكانيكى، الثقافة يمكن قياسها بالحصان الثقافى لو وجد من عنى بالبحث لها عن وحدة قياس.

بدأت سلسلة المقالات هذه بالحفر بدون أى قياسات سيزمية أو جيولوجية، كل ما أملكه سؤالا يقض مضجعى، يعزبنى، يرمينى بعار لا يد لى فيه وأنا ابن الأمة التى علمت العالم ألف باء الحضارة، حفيد تلك الهانم معصوبة العينين التى تتصدر صورتها محاكم العالم حسب ما سجله هنرى بريستيد فى كتابه فجر الضمير. أليس غريبا أنه عندما تبحث البشرية عن جذورها الأخلاقية لا تجد حفريتها إلا فى التربة المصرية؟  أليس غريبا أن أكون أنا مخترع العدل وأحرم منه ؟ ويضنينى فى صباى وكهولتى صرخة حافظ ابراهيم "أمن العدل أنهم يردون الماء صفوا وأن يكدر وردى، أمن الحق أنهم يطلقون الأسد منهم وأن تقيد أسدى"  أعرف أنى كائن غريب يصيح فى البرية حى على الفلاح، وينظر حوله مذهولا ..لا صوت يُسمع، اتصل فى وقت آخر.

ما الذى حدث لصحوتنا المعاصرة؟ لثقافتنا التى تألقت لما يقرب من قرن من الزمان؟ هل كانت إعصارا كتسنامى هب من البحر الأبيض المتوسط  واكتسح الوادى ثم خبا؟ ما الذى حل بزمننا الجميل؟ من جعله قبيحًا؟ من جعله قاحلا؟ من حجب عنه الماء والهواء والطافة؟ من جعلنا نعجز عن ادراك فداحة خطبنا؟ من جعل تمام يا فندم قانونا؟ الرحم موجود أم استؤصل؟  وللادة أنت كما كنت أم صرت عاقرا؟ دلونا يا حكماء مصر إن كان لازال منكم بقية

بدأت الحفر وأنا لا أعرف مالذى سيتمخض عنه، هل سيبقى ترابا يفضى لتراب؟  صخرا يفضى لصخر؟  أم هناك ذهب فى آخر المطاف؟ أقسم أنه لا يعنيني إن طلع  أصفر أو أسود أو بمبى؟

أعترف أن بالجهل جرأة تفوق أحيانا جرأة المعرفة..جرأة المعرفة تدبير، اضمار..جرأة الجهل شعور، شبق مجنون بحقائق لم تعرف بعد، نداهة تقود إلى مجهول، حالة مختلفة تماما عن جرأة المعرفة والوعى الكامل والاضمار وأحيانا التنمر، شأن ما كان يملكه العمالقة من نوع عباس محمود العقاد وغيره من كتاب العبقريات، وما على شاكلتها..يضعون عنوانا لكتابهم أو لمقالهم ثم يصُفُّون تحته ما يعرفون لا ما سوف يعرفون، ولا يعنيهم أن ما يعرفون متاحا لكل من يهتم بالبحث عنه، أما ما سوف يعرفون مع حفيف أقلامهم، مع تأجج المشاعر وفوران النفس، فلم يعرفه أحد بعد، مشعل جديد يخرج من رحم الظلمات.  يجمعون معلومات من هنا وهناك  يحققونها يصنفونها يرتبونها يبوبونها يصوغوها بلغة العصر لتحقق هدفًا حددوه مسبقًا وأضمروه وساروا إليه بخطا ثابتة واثقة. مقياس الجودة فى سلالتهم أن يدفعوك إلى الغرق أكثر فى حب من أحببت، الاعتقاد أكثر فيما اعتقدت، الايمان أكثر بمن آمنت، الفرح أكثر بمن فرحت، وأن يظل السرادق مقاما وعامرا بالمهللين والمكبرين. العازفون يعزفون والمداحون يمدحون والدراويش يتقاطرون ويتطوحون يمينا ويسارا، الأصوات تتهدج، اللعاب يسيل على جانبى الفم من فرط التلذذ بقيم..خلصوها عنوة من تلوثها البشرى، يأخذون القارئ من يده محاطا بالمزامير والشخاليل ويدخلونه عالم الأسطورة الساحر المفعم بالشجن واللوعة وفرحة القلب الحزين، ويتركونه هناك ليكمل بنفسه، الخمسة يجعلها عشرة والعشرة عشرين والعشرين مليون ..ودنبا 

لكن هناك كتابة من نوع آخر يكون الكاتب ملاحا يبحر جنوبا أو شمالا لا للوصول لمدينة يعرفها وإنما للوصول لمدينة لا يعرفها، جوالا يحمل أسئلته على ظهره ويسير فى الأسواق كسقراط بحثا عن اجابة لأسئلة فيها هلاكه، وغيره ينظر فى الآفاق فيلحظ ظواهرا لا يمكن أن تؤدى للنتيجة نفسها التى تداولتها البشرية لألفى عام فيصيح، ياخلق هوه  ليست الشمس هى ما  تدور حول الأرض إنها الأرض التى تفعلها، ويسقط بطليموس ويحيا كوبرنيكوس، أو آخر يقع فى حبائل النداهة فيلف كعب داير على كهوف الجماجم فى كل القارات فيصل إلى أصل الأنواع وترتفع راية جديدة فى سماء الكون هى نظرية التطور لدارون  وتناطح نظرية  الخلق الخاص لتهد الدنيا فوق رؤوس كل الثوابت السابقة، وتندس التباديل والتوافيق والتلافيق فى خطب الوعاظ وتنفتح الآفاق أمام البشرية.

ثقافتنا فى الفترة التى نبىكيها أو التى ينبغى ان نبكيها أوالتى يحيرنى كيف لا نبيكها لم  تتخلف عن الركب العالمى. سمعت لديكارت على نحو ما سمعته ثقافات  العالم المتقدم، فظهرت كتب من نوع الشعر الجاهلى لطه حسين ونظام الحكم فى الاسلام لعلى عبد الرازق وفيما بعد كتب نصر حامد أبو زيد وأخذ ما يستحق من جزاء جراء تأخره وحضوره فى زمن تال لسابقيه. جاءا فى عصر يحبو فى اتجاه النور، وجاء هو فى عصر يهرول نحو الظلام. جزاءهما كان النقد اللاذع والفصل من عمليهما لفترة كانت لازمة للاستيعاب الثقافى، ثم أعادوهما إلى وظائفهما أو إلى منصاتهما الثقافية موقرين. جزاءه كان حكم يقضى بالتفريق بينه وبين زوجته وهدم أعز ما يملك الرجل ..أسرته.  هرب من الجحيم ولم يقبل بلده بعودته إلا بعد أن استسلم عقله للظلام الأبدى ( جثة هامدة ) سويت المسألة بلا غفران، أعلن عن نفسه عندما امتنع أهل قريته عن الصلاة على جثته وهو ما يبين إلى أى مدى صار الجرح غائرًا  وأنه للأسف وصل للعظم، ومع ذلك كان يحدث أكثر منه فى أوربا إبان العصور الوسطى حتى عام 1400 أى الوقت الذى وجد فيه رجال شجعان نجحوا فى اختراق السجن اللاهوتى، وذهبوا للخلطة الوثنية التى جمعت الحضارة اليونانية بالحضارة الرومانية وأنتجت ما سمى بالعصر الكلاسيكى ..لم يذهبوا لاستنساخه أو استجدائه وإنما ذهبوا لاستنطاقه حتى يعرفوا أين دفنت البذرة التى انتجته.

 أين بذرتنا التى أنتجت حضارتنا القديمة وصحوتنا الحديثة التى خبت؟

 لماذا نستنسخ عصور الفشل؟

 من أورثنا الهوى بالرسوب والفرح بالدوائر الحمراء؟

هل هو مرض اسمه خنوع القرون؟

كتابات أخرى، طازجة كطلعة الصبح، وأنت تقرأها ترى ما يمكن أن تراه وأنت  تعبر ذرى جبال الألب حيث تسمع خرير الماء منسابا من القمم الجليدية التى أذابتها حرارة الصيف، ولا تتخيل أبدا أن هذا  الهمس الشجى المؤنس سيصنع عند السفح قنوات صغيرة تتحول لنهيرات تتجمع لتصبح نهرا عظيما هو نهر الراين، فى هذا النوع من الكتابة تشعر بالحروف المرتجفة وهى تتجمع لتصنع كلمة ( جديدة ) والكلمات الوجلة تتجمع لتصنع جملة ( جديدة) والجمل بعد استحوازها على بعض الثقة بالنفس تتجمع لتصنع فقرة ( جديدة ) والفقرات تترابط بعزم وحسم لتبنى حوائط تتحول أمام عينيك إلى صروح تصغر وربما تتلاشى إلى جوارها أبراجًا، كان يُظن أنها لا تُطال.

الثقافة انسان والانسان ثقافة. الثقافة بلا انسان معلومات، والانسان بلا ثقافة عدم؟ ونتيجة لهذا التلازم تتلون صفات الانسان بالمعلومة وتتلون المعلومة بصفات الانسان إن كان قويا تقوى وإن كان ضعيفا تضعف إن كان فاعلا تفعل وإن كان سلبيا تنام إن كان ذا نفوذ يكون لها نفوذه وإن كان شخصا ما صارت معلومة ما ، قد تنتج كائنا آخر.. قد يبنى الحياة.. وقد يهدمها، قد يجعلها حديقة غناء وقد يجعلها مقلب قمامة، قد تلتزم المعلومة بحيادها وقد تفقده، قد تقف عند حدودها وقد تتجاوزها، قد تتمدد قد تنكمش وقد تذبل وقد تبلى وتستبدل وقد تتقادم وتموت وقد تتواصل مع غيرها فتدب فيها الروح  وينتابها قدر كبير من القلق والتوتر الكونى، ويبقى السؤال المطروح طول الوقت إلى أى شيئ ستتغير، فى أى اتجاه سيسيل الماء؟ هل سيحفر لنفسه مجرى جديدا أم سيبقى مكانه ليصبح مستنقعا؟ كذلك الثقافة هل تمتلك حيوية الماء الجارى وجبروته؟ هل ستتغير؟ هل ستتمتع بنفس المكانة أم ستهبط؟ ويكون هذا التوتر هو الصورة الأمثل للثقافة لأنها  أصبحت بلا سقف ولا قاع ولا مَسْكة. تراها وقد أصبحت جزءا من حركة الكون ولا نهائيته واحتمالاته التى لا حدود لها. يعبدون الصنم اليوم ويعبدون الواحد القهار غدا. انظر للمسافة بين السماء والأرض واحكم يا صاح، تصبح كالذرة التى أوقعتهم فى حيص بيص، قالوا أصغر مافى المادة، ثم قالوا لا هناك ما هو أصغر النواة والالكترون، ثم لا أخرى، هناك النيترون والبروتون، ثم لا ثالثة، هناك الكوركات، ثم لا رابعة، هناك الفوتونات، وعندما عجزوا عن الوصول للقاع وضعوا ما أسموه  نظرية "السوبر استرنجس" أى الخيوط الفائقة، ولم يجدوا لوصفها غير عبارة أكثر غموضا هى "نظرية كل شيئ"  يعنى المنفتحة أبدا على المجهول لا المعلوم أى كل الاحتمالات كنموذجى الله والصنم السابق الاشارة إليهما.

الثقافة اختيار فى شطرها غير الموروث، عند البعض يمثل الجزء المختار اضافة ناعمة قادرة على التعايش وربما النوم فى حضن الموروث، عند البعض الإخر يكون المختار إضافة خشنة دائمة التحرش بالموروث، عند غيرهما سكينا أو منشارا أو أزميرا يعيد تشكيل الموروث بعد تخليصه من الفاسد والمعطوب وربما يستأصله ويصير خفيفا كالريشة يرقص مع نسائم الهواء ويغنى مع الطيور المحلية والوافدة. تتمخض كل هذه التفاعلات عن شيئ هام وخطير، لو معك  قلم أحمر ضع تحته كل ما تقدر عليه من خطوط، هذا الشيئ هو الارادة الثقافية، ولا تشك فى قواى العقلية إن قلت أنها أم سائر الارادات..  الاقتصادية السياسية الفنية. لدرجة أنه لو كنت ماشى فى أحد شوارع القاهرة ورأيت محل مكتوب على واجهته بيتزا هت ولا تجد محلات للفطير المشلتت فهذا فرق ثقافى، عندما تمشي فى شوارع بيكين وترى لافتة عليها صورة نفس الراجل (أبو سكسوكة) معلنا عن دجاج كنتاكى بنفس الطريقة التى رأيته عليها فى شوارع القاهرة فهذا فكر تسويقى عالمى ( ثقافة ) عندما تقابل شخص لابس قميص مكوى وجرافتة شيك هذه ثقافة، حتى عدم الاهتمام بالمظهر ثقافة، ولدينا نموذج أكثر من رائع هو ذلك السياسي العظيم الدكتور أسامة الباز الذى لم يكن يعنيه اللبس أو البريستيج أو الميديا وما كان يعنيه فى المقام الأول الأداء، الانجاز، الكفاءة، الأمانة المهنية ..مصر ..مصرنا .. يُذكر أن سأل أحدهم الرئيس السادات لماذا تتعب نفسك فى البحث عن وزير للخارجية وأمامك أسامة الباز ( وقتها كان يشغل منصب المستشار السياسي للرئيس السادات ) لماذا لا يكون هو وزير الخارجية؟ قطع حديثهم دخول الدكتور أسامة الحجرة ليوقع أوراق من الرئيس، فور خروجه أجاب الرئيس السائل بقوله " شفت لبسه ؟ " المرجع "كتابيه" لعمرو موسى وزير الخارجية السابق،(أضاف أنه سمع عن هذه الواقعة من غيره ولم يشهدها بنفسه) .

اقتربت ثقافتنا ومثقفونا من المستوى العالمى فى نهاية أربعينيات القرن الماضى وصارت طاحونة للبحث عن الذات، طاحونة بحث وابداع فى كل المجالات، سياسة اقتصاد علوم فنون، أمة فتية فيها الفتاة التى تدفعها إرادتها الثقافية لهجر قصر أبيها الباشا عميد كلية العلوم وجدها الباشا الوزير فى عصر اسماعيل وأبوجدها أفلاطون باشا الذى حصل على هذا اللقب بأمر من محمد على بسبب كثرة اسئلته وعمق  توجهاته، إنها إنجى أفلاطون التى رفضت الفساتين الشفتشى الفاخرة التى كانت تستوردها أمها من باريس للأتليه التى تملكه..انسلاخ كامل من طبقتها الاوروستقراطية، هرولة مجنونة نحو  الناس العاديين  وكأن العصب والرحم تكاتفا للزج بها فى أتون أمتها المصرية، تأكل أكلها وتلبس لبسها وتتشمم عرقها وتتزوج ابن من أبنائها وترسم المهمشات من نسائها. عصر غريب وعجيب هو كذلك عندما نقارنه بحالنا اليوم خاصة عندما نرى أبناء عائلة سيف النصر البالغة الغنى يرفضون حياة الترف ويختارون المعتقلات وتعزيب إلى حد الموت من أجل ثقافة بارحت العقول واستقرت إلى حد العشق فى القلوب، نحن لسنا مع ولا ضد، نحن نرصد حال أمة حية متعددة الاتجاهات والأهواء. رغم كل هذا التنوع ظلت سلامة الوطن ووحدته وتقدمه هى الرباط الحديدى الذى يربط الكل، فيما عدا تنظيم الاخوان المسلمين. هو الوحيد الذى ليس لمصر ـ كمصرـ  مكان فى أجندته، ولم يتورع مرشده العام محمد مهدى عاكف عن إهانتها واعلان ازدرائه لها بعبارة أقل ما يقال عنها أنها  بالغة الوقاحة والسفالة والانحطاط ( طظ فى مصر ) ألم يأكل من ثمار أرضها ألم يستنشق هواءها ألم يشرب ماءها ألم يترب فى مدارسها ألم يتخرج من جامعاتها ألم يلتحف الان بترابها فى مقبرة تحمل اسمه ؟   

ازدراء الوطن وطمس هويته والاستخفاف به عيب خلقى ولد به هذا التنظيم، وكأى عيب خلقى لابد أن يكون مصدر ألم بالنسبة لصاحبه ومصدر عزاب وأرق لمن يحيطون به، لابد أن يكون عبئ على وظائف الأعضاء، وهو ما يحدث الآن له ولنا، وحتى وللدول التى أعطته فرصة للمشاركة السياسية كالأردن وتونس والمغرب والكويت. راقب المشهد السياسي عندهم ستجد أن هذه الجماعة بسبب عيبها الخلقى هذا تقف كالعقلة فى الزور فى كل شيئ،  حتى بالنسبة للعالم فكل  من فيه يعرف ما هو الحزب السياسي سلوكياته برامجه براجماتيته السياسية .. مصطلح عالمى معروف للجميع، لكن ما هى جماعة الاخوان المسلمين؟ هل هى دينية هل هى سياسية هل هى قومية هل هى عنصرية؟

على أى حال كنا أمة متأججة المشاعر متطلعة تجرى لا أحد يعرف فى أى المحطات ستتوقف أصوليون وسلفيون وملحدون شيوعيون وإخوان وليبراليون معتدلون ومتطرفون عقلاء ومجانين فقراء وأغنياء أرستقراط ولمامة.   

نواصل الحفر أم نتوقف؟ 

الرئيس السيسى ينشد النهضة والنهضة انسان والانسان ثقافة. والثقافة كما سبق القول  قوة محركة، لكن أى قوة محركة نريد؟ فما يحرك  لعبة أطفال قوة محركة، متور صغير وحجرين قلم ودمتم، ما يدير دبابة قوة محركة، ما يدير بلدوزر أو لودر قوة محركة، فأى قوة منها نريد لرفع الأنقاض وإزالة العوائق؟ هل نريد قوة محركة من النوع اللازم للعبة أطفال؟ موتور صغير وحجرين قلم ودمتم؟ بتحصل، وعندنا من الاعلاميين من يملك القدرة على تصويرها لدى الجماهير  وكأنها قادرة على تحريك أى شيئ، دبابة بلدوزر قطر جبال الهيماليا أى شيئ، فقط اشر لهم  على ما تريد تحريكه وانس.

ليس للأبد يمكننا وضع رأسنا فى الرمال لا بد أن نختنق نموت حتى لو حدثت المعجزة وفلتنا من الصياد. لابد أن نسأل أنفسنا أى نهضة نريد؟ نهضة فرد؟ كنهضتى محمد على وجمال عبد الناصر اللائي قاما بها مشكورين لكنها للأسف تهاوت بعد موتهما بل لنا أن نقول قبل موتهما ولن نبعد كثيرا عن الحقيقة إن قلنا أن كليهما شاهد تلك النهاية وشربا نارها.

أم نريد نهضة ثورة 19 نهضة شعب، قادها مثقفوا هذه الأمة الخالدة التى ازدهرت وفرعت وطرحت وأثمرت؟

                           نواصل الحفر أم نتوقف؟

لا بناء بلا رفع الأنقاض وتسوية التربة

هل ندعوا لرفع الأنقاض أم نتركها تتراكم عصرا بعد عصر؟

ولا يبقى أمامنا إلا أن ندفن تحتها  


تعليقات