عام 2005 ونظرية الكوسة

 

 

 


عام 2005 ونظرية الكوسة

  - يجب أن لا نلعن 2004 حتى نرى ماذا ستفعل بنا 2005 ويجب أن يكون هذا هو السلوك السائد بيننا نحن المصريون مع كل إحتفال بسنةً منصرمه وباستقبال سنةً جديدة وذلك لأنه لدينا حزمة من المشاكل على درجةً عاليةً من الخطورة وقد درجنا " منذ زمن بعيد" على ترحيلها إلى السنة التالية

  - فلدينا أصولية إسلامية وقبطية متنامية وكل منهما تتربص بالدولة ـ  معنى ومبنى ـ  وإن إنتقلت الآن  من مرحلة التربص إلى مرحلة التحرش

  - لدينا بطالة مرعبة فملايين الشباب فى أيديهم شهادتهم و يجلسون بلا عمل بجوار أهاليهم فى حالة إحتقان مالى وجنسى

  - لدينا فتيات فاتهن  قطار الزواج ولم يعد أمامهن أى قدر من الأمل ووجوههن إلى السماء يسألونها الستر وللعلم هذه المشكلة قد تبدو بسيطة فى الظاهر ولكنها ليست كذلك فى الباطن فقد حدث يوماً فى قريتنا ظاهرة غريبة وهى إندلاع عدة حرائق  بطريقة متعاقبه وفى حيز زمنى قليل  مما جعل الناس تشك فى أنه ربما تكون هذه الحرائق بفعل فاعل وبالبحث والتنقيب والتحرى إتضح أن من يشعل هذه الحرائق هى فتاة فاتها  سن الزواج ولم يتقدم لها أحد .... صحيح يمكن إعتبارها حالة شاذه أو إعتبارها إنسانة موتورة أو غير طبيعية .....إلخ ومع ذلك فإن هذه الحادثة لا تخلو من دلاله  

  _ لدينا وضع إقتصادى غير طبيعى ولا نقول سيئ

  _ فحسب نظرية الكوسه وهى نظرية إقتصادية حديثة فرغت منها من يومين فقط فإن إنتاج مصر من الكوسه ومن باقى السلع التى فى مستواها لا يتم إلا لمقابلة طلب عشرة مليون مصرى فقط وربما أقل  أما كيف وصلت إلى هذه النظرية فالفضل يرجع إلى زوجتى عندما سمعتها تحدث نفسها قائلة أن سعر كيلو الكوسه أصبح ب ثلاثة ونصف جنيهاً ولما كنت أتمتع ببعض الدراية الإقتصادية التى يمكن أن تندرج تحت مستوى ( طشاش ) فقد قلت لنفسى إذا كان هناك من يدفع ثلاثة جنيه ونصف فى كيلو الكوسه فمعنى هذا أن منحنى العرض والطلب تقاطعا عند مستوى سعر ثلاثة ونصف جنيه ولما  كنت أعرف أنه بحسبة بسيطة فإن أى شخص إيراده  خمسمائة جنيه شهرياً لا يعتبر من مستهلكى الكوسه يعنى خارج حزام الكوسه فقدرت أن المجتمع الذى تنتج له الكوسه يستحيل ان  يكون ال70 مليون وربما لا يزيد عن عشره مليون على أحسن تقدير وقد تحدثت عن نظريتى هذه أمام صاحبة بوتيك فعلقت قائله : " إن الفتايات اللاتى يعملن فى محلها  إذا ما سمعن  كلمة طبيخ قالو يامادام لانريد أن نسمع سيرته فإننا لم نعد نتعاطاه " مؤشر تافه طبعاً وحكايات تافهة لا تليق بكاتب محترف و إن كانت تقبل من هاوى مثلى ولكن المهم أن نظرية الكوسه هذه تفضى إلى حقيقة هامة وهى أن الإنتاج أصبح مضبوط على إستهلاك عشرة مليون مواطن مصرى أما الباقى وعددهم ستين أو خمسة وستين مليون مواطن فغير معمول حسابهم فيما يختص بإنتاج الكوسه بمعنى أنه لو زادت الدخول الشهرية فجأه ودخل  5 % فقط من أل60 مليون ( المركونين على الرف )  فى حزام مستهلكى الكوسه فستجد أن سعرها ( يشطح ) ويصل إلى خمسين جنيه مثلا

السؤال هو متى سيثور المواطن الذى يعيش خارج حزام الكوسه ؟ ومتى سيطالب بنصيبه منها ؟

 الحقيقة الثانية المهمة هى  أن العمليه الإنتاجيه ضابطه نفسها تلقائيا  على شعب تعداده عشرة ملا يين وليس ثمانون مليونا  

الحقيقه الثالثه هى أن  الكوسه هذه ليست إلا مثال طبعا والجرائد مثال ثانى والملابس مثال ثالث والجزم مثال رابع ... ألخ نصل من ذلك أن الإنتاج مضبوط  على قوة شرائية لشريحه محدودة من المستهلكين وبالتالى يكون هناك عدد من الشرائح يتباين إتساعها حسب كل سلعة فإذا قارنا مثلاً عدد المستهلكين لسلعه كالخبز أو الأرز ( سلع حد الكفاف ) بسلعة كالكوسه يتضح الفرق الشاسع بين هذه وتلك

و نظرية الكوسه هذه توضح لنا أيضاً أسباب الركود  الذى نعانى منه لسنوات عديده فهو لابد وأن يكون ناتجا عن عملية الإنسلاخ المستمره من الشرائح الأعلى وإنتقالها  إلى الشرائح الأدنى وبالتالى فإن المنتج لسلعة ما والذى ضبط إنتاجه على مستوى توزيع العام السابق يفاجأ بأن السوق لا يقبل نفس الكميه فعندئذ يسمى هذا حالة ركود ولكن الذى حدث هو أن عددا من مستهلكى العام السابق إنسلخ من الشريحه المستهلكه لهذه السلعه نتيجه للعجز الذى طرأ على دخله

  _ آسف  جداً لأن الكوسه أخذت كل هذا الحيز ولكن كلنا نعرف أن للكوسه مكانة خاصة فى بلدنا

  _ وعلى فكره المشاكل هذه معروفه للجمهور وللوزراء وهم بالمناسبة يعرفون ما ينبغى عمله لحل هذه المشاكل ولكنهم لا يريدون أن يمدو  أيديهم لحلها لأسباب عديدة بمكن أن تكون موضوعاً لمقالات أخرى

  _ لدينا المشكله التعليمية والدروس الخصوصية التى تلتهم دخول معظم الأسر

  _ لدينا الفكر الغائب

  _ لدينا الإستراتيجية الغائبة

  _ لدينا الفراغ السياسى الرهيب

  _ لدينا الخطاب السياسى الذى تقادم ووجب تغييره من زمن

  _ لدينا الحزب الواحد الذى يجب ماعاداه

  _ لدينا الإعلام الذى لا يعنيه إظهار الحقيقه وكل ما يعنيه هو بقاء الحال على

         ماهو عليه   

  _ لدينا الأغراض التى تلعب وتتلاعب بكل شئ

   هل يمكن أن يكون هناك ماهو أكثر من ذلك ليجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا ونقول يارب فلتكن 2005 مثل 2004 حتى نتمكن من ترحيل حزمة المشاكل نفسها إلى عام 2006 .

فتحي عبد الغني حامد

 

 

 

 

 

 

تعليقات