رسالة مهذبة إلى سادةة عالمنا الراقي 2

 

كان من الممكن  أن يتفاءل عالمنا ويشعر بالغبطة وهو جالس في مقاعد المشاهدين يتفرج على قصل جديد ممتع من فصول التراجيديا يا المؤلمة " القضية الفلسطينية " وربما يخرج في الاستراحة  لتناول المرطبات فى الهول الملحق بقاعة العرض، فتنعشه عطور هوانم عالمنا الراقي، وهمهمات رجاله بثقافاتهم الرفيعة،  ذلك لأن مشهدا في التراجيديا بعث الأمل .....الأمل ولا شيء غيره .... رحل نتانياهو، الرجل الذي أقنع يهود إسرائيل أن اليمين واليمين فقط هو القادر علي ملء جيوبهم بالمال،  وقلوبهم بالأ مان، وملفاتهم بوثائق مِلكية مختومة بخاتم البيت الأبيض، وتوقيعات شهود من العرب، وبصمات صارخة لصمت عالم يتيه فخرا بدمية من صنعه إسمها حقوق الإنسان.

رحل  الرجل فكان تحولا كبيرا من الناحية الدرامية، تلاه تحول لا يقل عنه فى قوته،  صعود خَلَفه للمنصة، شباب وحيوية وأمل فى غد أقضل ( لأصحاب النصيب طبعا ) .

مع أول كلمة وأول لفتة فى خطابه  فى  الكنيست وضع نفسه كاملة عارية على الطاولة،  إسرائيل هي اسرائيل رحل نتنياهو أو بقي، التراجيديا مستمرة،  دماء دمار أبراج تتهاوى فى لحظة أمام الأعين، وتأكيد بأن ما يرونه ليس من قبيل الحيل السينمائية، أو الخيال العلمى، حيث ينفخ البطل فى المبنى العملاق فيتناثر،  لا  هو برج حقيقي، وناس حقيقيون، وموت موت، ودم دم، وألم ألم ، وهذا هو الجديد أو التجديد، عرض لايف، نفذه بثبات واقتدار مايسترو صاحب خبرة كبيرة كرئيس سابق لأركان الجيش الإسرائيلى، مايسترو عالمي ملتزم بالنوته  وعصاه تشير للميكرفونات فترسل إخطارا لكل من يهمه الأمر بموعد الضرب ، صورة من  صور الحداثة " استعد هاضربك "  والميديا تنشر، وحقوق الانسان تسجل، وتمسك الساعة الميقاتية لتراقب التنفيذ حتي لا يتجاوز الدفاع عن النفس الخطوط المتفق عليها،  وتستدير العصا الباغية فتشير لمجموعة الصواريخ الصغيرة فتنطلق لتأكيد الجدية، الحقيقة، إلتزام وأخلاق وتحضر،  بعدها يدور مؤشر الموت فينطلق الصاروخ الكبير، وتشير عصا المايسترو للآلات الخشبية فتحلق الدرونز (ألزنانة) لتنفيذ مهام دقيقة فى الحواري والأزقة، ثم يتطلع المايسترو فتسبق عيناه العصا متجهة نحو الآلات النحاسية والدرمز فتنطلق المدفعية، فتدك المواقع المحددة مسبقا دكا دكا. يا جماعة هذا عمل فذ تدار فيه المجموعات إدارة راقية، يا جماعة هذه نهضة تتجاوز النهضة الأوربية هذه نهضة من حق إسرائيل أن تحمل إسمها فيقال النهضة الاسرائيلية أو الحداثة الإسرائيلية أو الضرب علي الطريقة الإسرائيلية

تشكيل عصابي من التكنولوجيا والحديد والنار، وتكاتف من أجل تقديم عرض فريد فى نوعه، بطلاه اليمين المتطرف والفصائل المتشددة والضحية كالعادة شعب قطاع غزة.   

لا اعتراض لى على العرض من الناحية الدرامية والفنية بل بالعكس فأنا كمؤلف مسرحي يمكننى القول أن البناء الدرامى جيد جدا، وكناقد مسرحى رأيي أن لاعبو الكنيست لعبوا أدوار البشر باقتداريحسدون عليه، رغم أنهم ليسوا من خريجي أى معهد من معاهد التمثيل، يمكن اعتبارهم هواة.

                                        وأيضا

لا اعتراض لى على شهوة نفتالي بنيت بخصوص ضم الأراضي بناسها ومقوماتها المادية والمعنوية  فهو من ناحية تحصيل حاصل فإسرائيل تحتلها منذ 1967 ومن ناحية أخرى ليس هو أول من استبدت به شهوة التملك، والضم والتوسع هناك هولاكو وجانكيز خان والاسكندر الأكبر وقمبيز وسليم الأول والقرن الثامن عشر الميلادى شهد العديد من الغزوات التى قام بها أناس متحضرون مجهزون بالصليب الأحمر والمدافع وخبرات وبارود يا ما،  ومعهم قوانين ولوائح تنظم التعامل مع أسري الحرب، ومع المدنيين، وأشياء كثيرة عظيمة توضح مدى التطور الذى لحق بعملية التطهير العرقي لبني البشر بيد بني البشر.

 وإن نسينا لا ننسي مظاهر الأسف والأسي والتأثر البلغ التى تظهر على وجوه المشاهدين وتنديدهم المفرط بقتل وجرح الأطفال والنساء والشيوخ، دون الشباب طبعا، وكأن الشباب خلقوا للموت وليس للحياة، نوع من التعديل الطفيف لإرادة الخالق عز وجل، كما أنهم بفعل الضرورة هم وقود الحرب التي سترتفع على جثثهم قامات السياسيين وشهرتهم هتلر وأيزنهاور وتشرشل وستالين وشارل ديجول وموسولينى ألخ وطبعا عدد القتلى من شباب الخصم هى درجات الامتحان الذى فيه يكرم المرأ أويهان، يكرم، يذهب ليالتا ( مؤتمر المنتصرين ) وعلي رأسه أكاليل الغار، يهان، يجر للسجن أو الشنق أو مزبلة التاريخ.

من وجهة نظري الخاصة المسألة محسومة وواضحة كما الشمس . فطالما أننا من سلالة قابيل وهابيل فسيبقى الطيب والشرير هما طرفا الصراع فى الحياة وفى الدراما على حد السواء، لكن هذه واحدة من القضايا الكبرى وأنا ليس لى فى القضايا الكبرى  ما يشغلنى ويقض مضجعي هي القضايا الصغري التي لا تلفت نظر أحد، وإن كنت أعتقد أنها سبب خراب العالم ومنها مسألة التعريف الدقيق لأعمالنا نحن البشر، ليس الفعل، فقط التعريف DEFINITION.

                                         ما الإستيطان

حسب فهمي هو "  وضع يد شخصية طبيعية أو اعتبارية  على مساحة من الأرض غير مأهولة وغير مستغلة بأي صورة من صور الاستغلال" علي نحو ما حدث في الأمريكيتين الشمالية والجنوبية،المعروفة لنا اليوم بأسماء الولايات المتحدة وكندا البرازيل الأرجنتين المكسيك ثم يضاف  استراليا نيوزيلاندا.  قالإستيطان بهذا المعني موجودا وسيظل موجودا وربما يمارس غدا فى القطب الشمالي أو الجنوبي،  أو القمر أو المريخ ويمكن فى أي لحظة أتحول أنا أو أنت إلى مستوطنين  

تعالو نراجع المشهد السابق علي ضوء هذا التعريف.

وقف إنسان بحجم وقيمة وثقافة  وتربية السيد نفتالى بنيت رئيس وزراء إسرائيل الجديد ـ بالمناسبة هو حامل لجنسيتين لا جنسية واحدة إحداهما أمريكية والثانية إسرائيلية، وأيضا هو  واحد من أثرياء إسرائيل اللهم لا حسد ـ يضاف بالطبع  قيمة  وأخلاقيات أمه وأبيه وخاله وعمه وخالته وعمته وأساتذته في المرحلتين الإبتدائية والثانوية ( تربية أمريكية ) ولا ننسي طبعا مدرس الدين الذى من المؤكد قد  لقنه القيم الرفيعة للديانة اليهودية.

وقف هذا الإنسان القيمة والقامة ليعلن أنه ملتزم بسياسة الإستيطان، ويبدو أن المتفرجين كانوا مأخوذين بسخونة العرض فلم يسألوا ما الاستيطان هذه الكلمة التى بعثتها إسرائيل من سباتها العميق منذ الاكتشافات الكبرى ومنحتها قدرا من الشيوع لم تكن لتحلم به.  

أنا فى الحقيقة سأكون متسامحا جدا ولن أناقش أي شيء  فيما يخص المستوطنات السابقة ولا الحالية ولا القادمة،  يعني  لو أنت طردت ساكنا الآن من بيته وحللت محله  وأسميت نفسك مستوطنا فلا شأن لى بك، ثق أني لن أدينك أو أنهرك أو أقول عيب  اختشي فهذا يتجاوز صلاحياتى وإمكانياتى وإمكانياتنا كلنا  فى الواقع، فإسرائيل الآن حسب ما يقال تملك سلاحا نوويا وغيره من أسلحة الدمار الشامل غير معلن عنها، أما عن الأسلحة التي نسميها تقليدية كنوع من الإيحاء أنها نيران صديقة حتي تبقي المصانع شغالة وبيوت العمال مفتوحة واقتصاديات مزدهرة فحدث ولا حرج، وليس هناك من يجرؤ علي فتح فمه بكلمة  في هذا الخصوص لماذا؟ لأن على رأسها ريشة  أى الفيتو الأمريكي المشرع دائما في وجه الطرف الفلسطيني الذى هو أصغر قوة فى العالم والمفترض أخلاقيا وإنسانيا  أن يكون في حماية القوة الأعظم فى العالم لكن (معلهش تتعدل).

أنا كما ترون انسان مسالم جدا مهذب جدا غير معني إلا بشيئ واحد، هو أن هناك رئيس وزراء لدولة عضو فى الأمم المتحدة وهو شاب وسيم مهذب أنا حبيته والله، أصل وجهه يشع إنسانية لكني للأسف بعد تفاؤلي بطلعته البهية صدمت بضبطه متلبسا بفعل فاضح، إذ يعلن على الملأ  وليس علي السيدة زوجته وألاده وأولاد عمومته أو حتي على العرق الاسرائيلي لو تسامحت واعتبرته عرقا أنه مؤيد للإستيطان، مشجع عليه  داعم له

أين يا سيدي؟

وستستوطن  ماذا يا سيدي؟

 هل تري أمامك فى اسرائيل والضفة وغزة أراض خالية، مهملة، غير مسكونة، غير مستغلة، هل هي قارة اكتشفت حديثا واسمها قارة رام الله أو قارة حي الشيخ جراح؟  بالمناسبة لن أسأل إن كان لها صاحب أم لا حتي لا ندخل فى إشكالية الملكية، والدخول فى التاريخ والإبحار فى الجغرافيا  وسيدنا موسي وسيدنا يعقوب وسيدنا سليمان عليهم جميعا السلام وكذا الملك داوود ( الذي أموت واعرف مشاعرهم لو أنهم كانوا على قيد الحياة الآن )  لن ندخل فى عبارة الملكية فأنت فى يدك السلاح القادر علي تحديدها كما أنها من القضايا الكبري التى تتجاوز حجمي وقدرتى ووضعي فى الإقليم وربما في بلدى نبروه مركز طلخا دقهلية. سؤالي محدد هل أنت  تري  أمامك أرضا غير مستغلة غير محملة بأكثر مما تحتمل من بشر ولأجل هذا أعلنت إلتزامك بتشجيع وتدعيم سياسة الإستيطان المستقبلية؟

أنت ليس أمامك زبد وبيض ودقيق فكيف ستصنع العجة سيدي؟ كيف تدعو لسياسة يستحيل تنفيذها إلا بشرط استخدام قوتك وسلطتك غير الشرعية على الأرض المحتلة ومن ثم تقوم بخلع ساكنيها منها وتوطين غيرهم؟ ومع ذلك  ماشي لكن هذا  ليس  إستيطانا هذا له إسم آخر يطلقه عليه عالمنا الراقى وهو  "الإحلال والتجديد " وهو لسوء حظك له شروطه التى تخالفها هي أيضا  وأهمها إنتهاء العمرالإفتراضى للأصل الذى سيستبدل أو سيجدد والأصل فى حالتنا هو الإنسان القلسطيني ودليل جودته أو صلاحيته هو التوالد أي قدرته علي العشق والزواج والانجاب وهو  كما تري التوالد هو لعبته والانتاج علي عينك يا تاجر وأظنهم ( الفلسطينيون ) جاهزون للدخول فى أي سباق أو تجارب تجريها الأمم المتحدة ومجلس الأمن لكن بشرط عدم استخدام الفيتو الأمريكي  

سيدى أنت بلغة القانون ترتكب جريمة، بلغة الدين ترتكب معصية، بلغة الأخلاق تقترف كبيرة من الكبائر، بلغة الحضارة ترتكب حماقة لأنك تسير بالجنس اليهودى  عكس التيار، بلغة التاريخ أنت فى غيبوبة أنستك ما لاقي جنسك من اضطهاد غير العرب.

سيدي هذا خرق للنظام العام والآداب، وهو شرط مشروعية أى فعل في كل أنحاء العالم، ومنصوص عليه فى كل قوانين العالم  انجلترا  فرنسا  اسرائيل، أما لو كنت ترى أن لا وجود لهذا الشرط فى إسرائيل فعليك أن تعلن هذا على العالم رسميا حتي لا تقع تحت طائلة قانون جرائم ضد الإنسانية، لأنه من المستحيل أن تبقي دولة بهذه المواصفات عضو فى اليونسكو أواليونيسيف، أو يسمح  لها باستقبال سائحين إذ كيف  يأمن سائح على نفسه إن تجول في  بلد  لايتوفر فيها شرط "النظام العام والآداب "؟

ملحوظة هامة

مستعد لمراجعة موقفي لو كان عندك أو عند غيرك أي دفوع ذات قيمة

تليفوني 0021017589 / اكتب على جوجل اكتب فتحي عبد الغني تجد كتبي ومقالاتي pdf وعليها مقالي السابق " رسالة مهذبة إلي سادة عالمنا الراقي رقم 1" حصدت حتي ناريخ 68000 متصفح ونحو 35000 تعليق

                                                         فتحى عبد الغني

  

                                                                         هذا بلاغ للسيد جوريتش من يعرف عنوانه يتفضل بتسليمه له يدا بيد فالواضح أنه لم يسمع ولم يري خطاب رئيس وزراء إسرائيل

تعليقات